İstanbul 2012
Yıl: 13 [Ocak-Haziran 2012] Sayı: 29 ISSN 1302-3543 Bu dergi uluslararası ve ulusal veri indeksleri tarafından taranmaktadır hakemli bir dergidir / is a refereed journal İmtiyaz Sahibi/Publisher Aziz Mahmud Hüdâyi Vakfı İktisadi İşletmesi adına Dr. Adem Ergül Editör/Editor Prof. Dr. Necdet Tosun Yayın Kurulu/Editorial Board Prof. Dr. Ethem Cebecioğlu Prof. Dr. H. Kâmil Yılmaz Prof. Dr. Mustafa Kara Prof. Dr. Mustafa Tahralı Doç. Dr. Sâfi Arpaguş Doç. Dr. Süleyman Derin Arş. Gör. Ercan Alkan Arş. Gör. M. Nedim Tan Yazı Takip K. Yusuf Ünal Teknik Hazırlık ve Kapak Tasarım M. Sami Kaya Kapaktaki Hat Sâmi Efendi Yayın Sorumlusu K. Yusuf Ünal İletişim Bilgileri/Contact Information Küçük Çamlıca Mah. Çilehane yolu Cad. No: 12 Üsküdar-İSTANBUL Telefon/Telephone +90 (216) 428 39 60 +90 (555) 405 34 35 Faks/Fax +90 (216) 327 75 83 e-posta/e-mail bilgi@tasavvufdergisi.net web sayfası/web page www.tasavvufdergisi.net Baskı-Cilt/Printing House Erkam Matbaası İkitelli Org. San. Sit. Turgut Özal Cad. No: 117/4 İkitelli İstanbul Tel: 0 212 671 07 00 Danışma Kurulu/Advisory Board Prof. Dr. Arif Naushahi Prof. Dr. Arthur F. Buehler Prof. Dr. Dilaver Gürer Prof. Dr. Hamid Algar Prof. Dr. Himmet Konur Prof. Dr. İlhan Kutluer Prof. Dr. Kadir Özköse Prof. Dr. M. Erol Kılıç Prof. Dr. Mustafa Aşkar Prof. Dr. Mustafa Çiçekler Prof. Dr. Mustafa Uzun Prof. Dr. Paul Ballanfat Prof. Dr. Ramazan Muslu Prof. Dr. Reşat Öngören Prof. Dr. S. Hayri Bolay Prof. Dr. Süleyman Uludağ Sayı Hakemleri/Referees on This Issue Prof. Dr. Bilal Kemikli Prof. Dr. Derya Örs Prof. Dr. Dilaver Gürer Prof. Dr. Hicabi Kırlangıç Prof. Dr. Kadir Özköse Prof. Dr. Mustafa Aşkar Prof. Dr. Mustafa Çiçekler Prof. Dr. Ömer Çelik Prof. Dr. Ramazan Muslu Prof. Dr. Salah Elsayed Mahmoud Elserwy Doç. Dr. Ali Bolat Doç. Dr. Eyyüp Tanrıverdi Doç. Dr. Mustafa Çakmaklıoğlu Doç. Dr. Salih Çift Doç. Dr. Zafer Erginli Yrd. Doç. Dr. Ali Namlı Yrd. Doç. Dr. Muhammed Abay Yrd. Doç. Dr. Sezai Küçük Dr. Semih Ceyhan Yazıların ilmî ve hukukî sorumluluğu yazarlarına aittir. Dergimizde yayımlanan yazılar, elektronik veya yazılı bir ortama izinsiz olarak aktarılamaz ve çoğaltılamaz. Yurt İçi Abonelik: 40 TL Yurt Dışı Abonelik: 50 Euro Kurumsal: 200 TL
ilmî ve akademik araştırma dergisi 29 [2012/1], s. 121-146 تصوف األمير عبد القادر الجزائري من خالل شعره * رضوان محمد سعيد ايزولي الملخص نهج األمير نهج المتصوفة وسلك سلوكهم فخاض التجربة الصوفية وتتلمذ على مشايخهم وانتسب إلى طرقهم. وكانت شخصية األمير مثار جدل عند المحللين سلبا أو ايجابا وليس هذا بغريب على من خاض حروبا طاحنة ضد االستعمار الفرنسي وفي الوقت نفسه نجد تلك العالقة الحميمية بينه وبين نابليون وما قدمه إليه من منح وأوسمة وهو صاحب الحظوة لدى الباب العالي كل ذلك دعى الى الجدل حول هذه الشخصية. ومما أثير مؤخرا حوله عدم نسبة كتاب المواقف في التصوف إليه بل هناك من ادعى أن الكتاب المذكور منحول عليه وهناك من شكك في تصوفه وأثار هذا الجدل بعض اقارب األمير كحفيدته االميرة بديعة التي تأثرت بالحركة السلفية مدعية أن األمير لم يكن متفرغا للتصوف لكثرة ما أنيط به من المشاغل: السياسية واالدارية واالجتماعية والتخطيط للثورة. ولذا اقدم في بحثي هذا تصوف األمير عبد القادر الجزائري من خالل شيوع المصطلح الصوفي في شعره مما يثبت تصوفه واستغراقه الروحي الذي ال يصدر اال عن صوفي خاض التجربة الصوفية. كما تتناول الدراسة تأثر األمير عبد القادر بشعراء التصوف المشهورين كالبوصيري وابن عربي وابن الفارض والحالج وغيرهم مستخدما مصطلحاتهم واسلوبهم الشعري وقد يصل التناص عنده إلى استخدام ألفاظهم نفسها. وتبين الدراسة استخدم األمير الفاظ العذريين والخمريين على الطريقة الصوفية محيلها الى رموز عرفانية بعد أن تشرب منهج االشيخ محي الدين ابن عربي الذي تتلمذ عليه روحيا ودفن الى جانبه في دمشق. كلمات مفتاحية: المصطلح الصوفي الشعر الصوفي عبدالقادر الجزائري التناص عندالجزائري الرمز الصوفي Abdulkadir el-cezâirî nin Şiirlerinde Tasavvuf Özet Emir, mutasavvıfların metotlarını kullandı ve yoluna girdi. Tasavvufî tecrübeye daldı. Tasavvuf hocalarından eğitim aldı. Tarikatlarına girdi. Emir in şahsiyeti olumlu veya olumsuz olarak muhalliler tarafından değerlendirilmiştir. Fransız işgaline karşı amansız savaşlara dalmış biri etrafında bu tür değerlendirmeler olması garipsenecek bir durum değildir. Aynı zamanda kendisi ile Napolyon arasında çok sıcak bir ilişkinin de olduğunu görüyoruz. Napolyon un kendisine atalarda bulunduğu ve madalyalar taktığı bilinmektedir. Diğer yandan Bâbıâli de de makbul biri idi. Bütün bu hususlar bu şahsiyet etrafında tartışmalar açmıştır. Son olarak el-mevâkıf fi t-tasavvuf adlı eserin kendisine ait olmadığı etrafında şüpheler uyandırılmaya çalışılmıştır. Hatta bu kitabın Emir e intihal yollu nispet edildiğini söyleyen de olmuştur. Bazıları onun tasavvufçuluğunu da tartışma konusu yapmıştır. Hatta bazı yakınları, selefî hareketten etkilenmiş olan torunu Prenses Bedia bu görüştedir. Dedesinin üzerindeki yoğun siyasi, idari, ictimâî ve devrim planlaması görevlerinden dolayı tasavvufla * جامعة البلقاء التطبيقية كلية الحصن الجامعية األردن Al Balga Applied University Al-Huson / University College (Radwanm2010@gmail.com)
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر meşgul olmaya vaktinin olmadığını söyler. Bu yüzden bu araştırmamızda Emir Abdulkadir el-cezairi nin şiirinde geçen yoğun tasavvufî ıstılahlardan hareketle tasavvufunu sunmaya çalıştım. Ki bu çalışmam onun mutasavvıflığını ve ancak sûfî deneyime dalmış kimsenin yaşayabileceği derin rûhî istiğrakını ispat etmektedir. Bu çalışmam Emir Abdülkadir in şiirlerinde meşhur tasavvufçular Bûsırî, İbn Arabî, İbn Fârız, Hallâc ve benzerlerinden etkilendiğini de ele almaktadır. Onların kavramlarını ve şiir üslubunu kullanmıştır. Yer yer onların aynı lafızlarını kullanmaktadır. Bu çalışma aynı zamanda Emir in, talebesi olduğu Şeyh Muhyiddin b. Arabî inin metodunu ruhuna yedirdikten sonra irfânî simgelere havale ederek sûfîlerin metodunda olduğu gibi platonik aşk sahiplerinin ve şarapçıların lafızlarını da kullandığını göstermektedir. Emir in kabri Şam da İbn Arabî nin kabri yanındadır. Anahtar kelimeler: Sûfî kavramı, Sûfî Şiiri, Abdulkadir el-cezairi, Sûfî Simge. تصوف األمير عبد القادر الجزائري 1 من خالل شعره األمير عبد القادر الجزائري قامة سامقة في عالم البطولة والجهاد والقيادة واألدب مأل الدنيا ذكره شرقا وغربا فأ عجب به الساسة والقادة والعلماء واألدباء فما أن تذكر حركات التحرر العربية المعاصرة وما قبلها اال ويذكر األمير عبد القادر الجزائري ومعروف عن األمير بأنه كان ينتهج السلوك الصوفي وله فيما اشتهر بين الناس كتاب المواقف في التصوف ويدلل على تصوف األمير ما شاع في شعره من مصطلح صوفي وتأثره بالشعراء الصوفية وانتهاجه منهجهم في استخدام الرموز التي اشتهرت عند الصوفية كرمز المرأة والخمرة على طريقة الخمريين والعذريين واستخدامه لمصطلحات القوم شعرا ونثرا. ومن عجيب ما قرأت أن األمير لم يكن يوما صوفيا وال طرقيا وال عالقة له بالتصوف - 2 وأقصد 122 1 ولد في 23 رجب 1222 ه / مايو 1807 م وذلك بقرية»القيطنة«بوادي الحمام من منطقة معسكر»المغرب األوسط«الجزائر وافاه األجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300 ه / 26 مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عاما وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية بدمشق لوصية تركها. وبعد استقالل الجزائر نقل جثمانه إلى الجزائر عام 1965 ودفن في المقبرة العليا وهي المقبرة التي ال يدفن فيها اال رؤساء البالد. انظر األعالم خير الدين الزركلي ط 12 1997 م دار العلم للماليين ج 4 ص 45 2 أنظر تعليق حفيدة األمير على الموقع االلكتروني في منتديات الجلفة وهو منتدى جزائري تشارك فيه األميرة الجزائريين وتبين لهم رأيها في المواقف وكل ما يتعلق باألمير عبدالقادر الجزائري وهو على الرابط اتالي: http://www.djelfa.info/vb/ showthread.php?t=71965 وhttp://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=258809 و كما قدمت دراستان االولى للدكتور أمين يوسف عوده جامعة آل البيت وهي بعنوان كتاب األمير عبد القادر الجزائري: دفع الشبهة وإثبات النسبة. ويرد البحث على كتاب األميرة بديعة الحسني الجزائري: فكر األمير عبد القادر الجزائري: حقائق ووثائق ويثبت في بحثه أن الوثائق التي جمعتها من أدلة عقلية ونقلية بغية نفي نسبة الكتاب الى األمير ال تنهض على أسس علمية كافية وال تفي بغرض ما ذهبت إليه وأنها غفلت عما وثقه الباحث في بحثه مما يثبت صحة نسبة الكتاب لالمير نشر البحث في مجلة دراسات المجلد 30 العدد 2 2003 وقدم البحث في المؤتمر الدولي عبدالقادر رجل عابر للزمن في تلمسان الجزائر 20012/3/28-25. والدراسة األخرى لالستاذ الدكتور بكري عالء الدين جامعة دمشق سوريا وهي بعنوان: دراسة مخطوطات كتاب المواقف لألمير عبد القادر وتخلص الدراسة الى أن للكتاب أكثر من 12 نسخة مخطوطة كاملة في: استانبول ودمشق والرباط وباريس وبرمنجهام والجزائر العاصمة وعمل المحقق على نسخة متحف الجيش في الجزائر والمهداة من أحفاد األمير الى الجمهورية الجزائرية وهي كما يراها أفضل النسخ ألن فيها أكثر من ثمانين موضعا تم تصحيحها بخط األمير عبد القادر نفسه وذلك بشهادة ابنه األمير محمد في آخر المجلد الثالث ملخصات الملتقى الدولي عبدالقادر رجل عابر للزمن المنعقد في تلمسان الجزائر 2012/2/28-25 م. سلفية األميرة بديعة: األميرة بديعة تحاول جهدها نفي تصوف األمير وتصر على ذلك اصرارا ناطقا وقد كنت قد قابلت رئيس مؤسسة األمير عبدالقادر الجزائري محمد بوطالب الرئيس الحالي للمؤسسة وهو ابن عم األميرة بديعة وناقشته
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت التصوف االسالمي القائم على الحق ال الباطل - ولذا أقدم في بحثي هذا تصوف األمير عبد القادر الجزائري من خالل شعره وشيوع المصطلح الصوفي في شعره مما يثبت تصوفه واستغراقه الروحي الذي ال يصدر إال عن صوفي خاض التجربة الصوفية وعانى ما عاناه الصوفية جماال وجالال وحيرة وحب ووجد وقبض وبسط. كما نجد تأثره بشعراء التصوف المشهورين كالغوث ابي مدين التلمساني كالبوصيري وابن عربي وابن الفارض والحالج وغيرهم من شعراء الصوفية. اعتمدت على ديوان الشاعر وقصائده الصوفية المثبتة فيه وهو ديوان محقق تحقيقا علميا. 3 وما ورد في كتابه المواقف في التصوف 4 الذي زعم بعض المدعين أنه ليس من تأليف األمير وأنه منسوب إليه بل منحول عليه دون أن يكتب فيه حرفا واحدا كما أشارت الى ذلك بديعة الجزائري حفيدة األمير في دمشق. ونتيجة لهذه الدراسة ثبت للباحث بأن األمير كان صوفيا دون أدنى ريب اعتمادا على ما ثبت للباحث األمير عبد القادر والتصوف:إن الناظر في مؤلفات األمير وديوانه وكتب التاريخ واألعالم التي ترجمت لألمير ليجدن أميرا: سياسيا ومصلحا اجتماعيا وقائدا عظيما وصوفيا متمرسا في تصوفه وخبيرا بأحوال القوم ورموزهم ومصطلحاتهم على غير ما نقرأ من أن األمير لم يكن صوفيا وال طرقيا يوما ما النشغاله بأمور السياسة وإدارة الثورة واإلصالح االجتماعي والتصوف يحتاج الى تفرغ 5 وابتعاد عما كان يهم األمير كما ذكرت حفيدته بديعه الجزائري في اصرارها على عدم نسبة كتاب المواقف لألمير عبد القادر ولكن واقع ما نقرأه حول األمير يخالف هذا الزعم لما نجده في التراجم التي ترجمت لحياة األمير وعلى رأسها تحفة الزائر في مآثر األمير عبد القادر لمؤلفة الشيخ محمد باشا ابن األمير عبد القادر الجزائري حيث نجد ما يوحي بتصوفه خاصة حين ذكر رحلته إلى مكة واختالئه في غار حراء وذكر مجاهداته وما حصل له من الفتح والتنقل في مقامات المعرفة وأنه امتدح شيخه بقوله: ثم أقبل األمير على عبادة اهلل تعالى عند بيته الحرام في مسجده الحرام وتفرغ لها من كل شيء يتعلق بالدنيا وأهلها واختار الشيخ محمد الفاسي المجاور حول موضوع بديعة الجزائري وسبب إصرارها على عدم قبولها لتصوف األمير وعدم نسبة كتاب المواقف له فصرح لي بأنها متأثرة بالسلفية الوهابية وكان ذلك على مسمع ومرأى جم غفير من العلماء والمفكرين. وكذلك أنظر هذا الرابط: http://www.echoroukonline.com/ara/articles/37349.html وبشأن االعتراض الذي سبق أن أبدته حفيدة األمير عبد القادر السيدة بديعة الحسيني الجزائري حول صوفية األمير وعالقته باألخوية الماسونية أكد المتحدث على أنه مستعد ليدخل في نقاش فكري وثقافي وتاريخي مع األميرة»التي تريد حصر األمير في إطار الفكر الوهابي الذي يرسم دائرة مغلقة لإلسالم ويضع فيها كل رموز الحضارة اإلسالمية وهذا خطأ كبير كون األمير عبد القادر ملك للجزائريين والمؤرخين وهو إرث إنساني ومن حق كل شخص أن يحبه بطريقته الخاصة حتى وإن لم تكن الطريقة المثلى لكنني أرفض وضع األمير عبد القادر في ثوب ال»سوبرمان«أو المالك فهو إنسان قد تكون له مواقف في حياته وعلينا أن نضع تلك المواقف في إطارها التاريخي والزمني.«3 ديوان الشاعر األمير عبد القادر الجزائري-جمع وتحقيق شرج وتقديم د. العربي دحيو منشورات ثاله 2007 الجزائر وهو ما سنشير اليه ب«الديوان«4 كتاب المواقف من تاليف األمير كما ذكره كل من ترجم لالمير خاصة ولده محمد /انظر ترجمة الشاعر مقدمة الديوان السابق الذكر وترجمة األمير في كتاب «تحفة الزائر في مآثر األمير عبد القادر«كما أثبت كل من الدكتور بكري عالء الدين والدكتور امين يوسف عودة نسبة المواقف لالميرعبدالقادر من خالل دراسة علمية محققة قدماها في الملتقى الثاني عشر المنعقد في تلمسان بتاريخ 2012/2/28-25 م. 5 أنظر رأي األميرة بديعة حفيدة األمير عبد القادر الجزائري على الرابط التالي http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=71965 123
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر في مكة المكرمة أستاذا له فأخذ عليه الطريق وتلقى شؤونها عنها والزم الرياضة والخلوة واالجتهاد وعكف على ما في تلك الطريقة الميمونة من الوظائف واألوراد إلى أن رقي معارج األسرار إلى حظائر القدس ذات األنوار ووقعت له كرامات وخوارق وأحرز بقوة سعده أحواال سنية وأنفاسا محمدية وما تم له االرتقاء إال وهو في غار حراء ألنه انقطع فيه أياما عديدة إلى أن جاءته البشرى بالرتبة الكبرى ووقع له الفتح النوراني وتفجرت ينابيع الحكم على لسانه وفاضت عيون الحقائق بين أدواح جنانه وانفتح له باب الواردات واستظهر من القرآن العظيم آيات ومن الحديث النبوي أحاديث صحيحة فكتب من خلوته إلى حضرة أستاذه يصف بدايته ونهايته ويثني على اهلل بما أواله على يده بقوله: سر د ر والخ ي والي أ م سعود ج اء السع ليس لها ذ ك ر و و ل ت ج يوش الن ح س وهج ذ ك ر ران سادات وال اله ج ر ليالي صدود وان ق طاع وج ف و ة إلى أن قال: سر ر من بعد ه ي س ي العارفين ب ن ف س ه وال ع ج ب فالع ر أ تاني م ب و أ ع ني ب ه ش ي خ ي اإل مام و ع د ت ي ل ه ي ب ت ه ت غ ض ي له األ س د والن م ر ض ى والحال والش م ي الغ ر ح م د ك مال الر محمد الفاس ي له من م 6 ح ر وق ال ل ه أ ن ت الخ ليف ة يا ب رآه أ ح ه ب أ بو ح س ن لو قد هذه األبيات الصادرة عن األمير عبد القادر الجزائري تصرح فناءه في شيخه محمد الفاسي الذي يصفه فيها بأنه مرب للعارفين وأن الفتح الرباني قد كان على يديه فكان اليسر بعد العسر كما ينعته بالخليفة والعلماء ورثة األنبياء وخلفاء اهلل في ارضه اختارهم -سبحانه وتعالى- للداللة عليه.»وهي قصيدة طويلة ذكر بها أسرارا وأمورا تدل على بعض ما حصل له من الفتح الرحماني والكشف الصمداني«. وفي أول يوم من رجب سنة ثمانين ومائتين وألف توجه إلى المدينة المنورة من طريق جدة فدخلها في اليوم السادس والعشرين من رجب واستقبله أشرافها وحكامها وعلماؤها ثم بعد مدة طلب من حضرة الهمام الشريف صاحب المقام المنيف السيد أحمد أسعد أن يهيء له محال يختلي فيه للعبادة مدة فهيأ له المحل الذي كان لسيدنا الصديق قدس اهلل سره وبابه من المسجد 7 الشريف فاختلى فيه شهرين وحصل له ما حصل ووصل إلى ما إليه وصل. إذن فاألمير صوفي بامتياز كما ذكر ولده في تحفة الزائر فالخلوة والشيخ والكشوفات والكرامات واألوراد والفناء في الشيخ واالرتقاء والطريق كل هذا يثبت تصوفه وخوض ه للتجربة الصوفية. أما مؤلفات األمير نفسه فالتصوف فيها صريح فهذا شرحه لبيتي الرقمتين يشير إلى تصوفه وتمكنه 124 تحفة الزائر في مآثر األمير عبد القادر ص 137 وما بعدها 6 انظر تعليق صاحب«حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر«عبدالرزاق البيطار تحقيق محمد بهجة البيطار مطبوعات 7 مجمع اللغة العربية دمشق ج 3 ص 898
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت من شرح النص الصوفي بلغة اإلشارة الصوفية كيف ال وهو أمير السيف والقلم«8 وهذا ديوانه شاهد على تصوفه وخاصة قصائده الصوفية التي تنبيء عن شاعر صوفي تمكن من مصطلحات القوم ورموزهم ونهج على طريقة القوم في شعره. 9 كما نجد خالل ديوانه تأثرا ناطقا بشعراء الصوفية بل نجدهم من أهم مصادره الكبرى التي بنى عليها قصائده الصوفية فتأثر بالعفيف التلمساني وابن الفارض والحالج وابن عربي 10 وعبدالغني النابلسي وغيرهم من أعالم التصوف االسالمي ونهج نهجهم في محاكاة العذريين وحذى حذوهم في استخدام ألفاظهم مما يفند دعوى المدعين بأن األمير لم يكن يوما صوفيا وال طرقيا فشاهد الحال يثبت عكس ذلك ففي هذا البحث قمت باستقراء قصائد األمير الصوفية وركزت على شيوع المصطلح الصوفي في شعره ومثل هذا الشيوع للمصطلح ال يصدر إال عن وجد وخبرة ألحوال ومقامات طريق القوم التي خاض خاللها التجربة الصوفية وارتقى فيها وتدرج متنقال من حال إلى لمقام إلى أن قال له شيخه ها أنت ورب ك. المصطلح الصوفي : 11 مما يميز األدب الصوفي شيوع المصطلح والرمز الصوفي الذي نجده في ثنايا مؤلفات القوم ومثل هذه المصطلحات جاءت تعبيرا عن مواجيدهم وأحوالهم ومقاماتهم ومن هذه المؤلفات التي اعتنت بالمصطلحات الصوفية ما نجده لدى الصوفي الكبير الطوسي )ت: 378 ه( صاحب كتاب»اللمع«منذ القرن الرابع الهجري. حيث ذكر جملة من المصطلحات في كتابه الل مع. 12 وكذلك ما نجده لدى الصوفي عبد الكريم القشيري )ت: 465 ه( في رسالته المعروفة بالرسالة القشيرية. 13 وكأن «المصطلح الصوفي قد بلغ مرحلة النضج في أواخر القرن الرابع الهجري العاشر الميالدي. 14 وسبب استخدام الصوفية لمصطلحات خاصة بهم هو»الخروج من مأزق اللغة التي ال تفي بمرامي معانيهم البعيدة وهي لغة خاصة ذات مضمون اصطالحي عميق الغور وهي ما يعرف بالرمز 15 الصوفي«رأت قمر السماء فأذكرتني : - مجلة البحوث والدراسات الصوفية بحث أ. د يوسف زيدان شرح البيتين: 8 لعبد الغني النابلسي ولالمير ليالي وصلها بالرقمتين. / كالنا ناظر قمرا ولكن : نظرت بعينها ورأت بعيني. عبدالقادر الجزائري أثبت الشرحين كاملين. العدد/ 1 اغسطس 2003 م ص 529 يقول الدكتور شريبيط في مقارته للديوان«كنت أرجو لو أن المحقق الدكتور العربي دحو ألحق القصائد التي أوردها في 9 ملحق«أ- ص 163 - ص 188 بموضوعها األساسي...ضمن قسم الخاص بالتصوف«الديوان ص 22 وهذا يعني ان قسما كبيرا من الديوان يرجع الى الشعر الصوفي. - 10 األمير عبد القادر اول ناشر لكتاب الفتوحات المكية البن عربي كما دفن بمسجد ابن عربي في دمشق. 11 للتوسع في شأن المصطلح الصوفي انظر«بحث الدكتور أمين يوسف عوده في أصل المصطلح الصوفي وداللته مجلة البحوث والدراسات الصوفية العدد األول أغسطس 2003 م ص 95 12 انظر اللمع ص: 452-412. 13 انظر الرسالة القشيرية. تحقيق معروف مصطفى زريق دار الخير ط 3 ص: 88-51. 14 شعر عمر بن الفارض -دراسة في فن الشعر الصوفي د.عاطف جوده نصر ص: 175. 15 مجلة البحوث والدراسات الصوفية بحث أ. د يوسف زيدان شرح البيتين: رأت قمر السماء فأذكرتني ليالي وصلها نظرت بعينها ورأت بعيني لعبد الغني النابلسي ولالمير عبدالقادر الجزائري العدد/ 1 بالؤقمتين./ كالنا ناظر قمرا ولكن اغسطس 2003 م ص 507 125
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر كما ظهرت المصطلحات الصوفية في ثنايا الفتوحات المكية و فصوص الحكم وغيرها من مؤلفات ابن عربي 16 ومؤلفات الغزالي والسهروردي وغيرهما. ومن ثم ظهرت كتب متخصصة بهذه المصطلحات كاصطالحات الصوفية للشيخ األكبر محي الدين ابن عربي )ضمن رسائله( ومنها كتاب التعريفات للجرجاني ومعجم ألفاظ الصوفية د. حسن شرقاوي ومعجم مصطلحات الصوفية د.عبد المنعم الحفني والنصوص في مصطلحات التصوف لمحمد غازي عرابي ومعجم اصطالحات الصوفية للكاشاني والتعرف لمذهب أهل التصوف للكالباذي ومعراج التشوف لحقائق التصوف البن عجيبة الحسني والمعجم الصوفي د. سعاد الحكيم. واتسم المصطلح الصوفي بالتقابل والذي يعد من أبرز سماته فالقبض يقابله البسط والسكر يقابله الصحو والمحو يقابله اإلثبات والفرق يقابله الجمع والجمال يقابله الجالل والفناء يقابله البقاء وهكذا. ومثل هذه المصطلحات الصوفية نجدها قد استقرت في وجدان األمير عبد القادر الجزائري فأتقنها وملكها وعب ر عنها وشرحها وعرف معانيها ومغازيها وضمنها أشعاره حتى خرجت من صفة المصطلح الجامد إلى حالة وجدانية عاشها الشاعر خرجت في قالب الشعر الوجداني العرفاني وعايشها الجزائري كما عايشها كل من له صلة بالحالة الوجدانية الصوفية في حركة دائبة من قصيدة إلى أخرى. وفي هذه الدراسة قمت بدراسة شيوع المصطلح الصوفي في شعر األمير عبد القادر الجزائري دراسة وصفية وتحليلية للنصوص الصوفية كما قمت بذكر مصادر األمير الصوفية وتاثره بها وعر جت عليها واستشهدت بها على المواطن التي تخدم الدراسة وبي كيف أحال المصطلح من نت كونه مصطلحا ينم علميا جاف ا إلى واقع وجداني معاش مؤثر عن عاطفة صادقة تجسد لنا تجربة األمير الصوفية حاال حاال ومقاما مقاما منذ بدايات التجربة وحتى نهاياتها. من هذه المصطلحات التي تكررت في ديوانه:ألفاظ الحب ومنها:العشق الدالل التيه العاذل الوصل الشوق الهوى. ورمز المرأة وعشاق العذريين ومنها: ليلى وقيس سعاد وعلوة الجمال. رمز الخمرة:الساقي الخمر الكأس الس كر المدامة الراح الذوق. وكذلك المحو واإلثبات عين اليقين وحق اليقين قطب العارفين الحال الحلول الجبر العقل وحدة الشهود مقام الفرد الكشف الفناء والبقاء الجمال والجالل الفرق والجمع الفصل والوصل الحيرة الدهشة الباطن والظاهر القرب والبعد القوم اإلطالق والتقييد الحضرة الواحدية وحدة األديان السماوية الضمائر وتحويلها إلى رموز عرفانية الرمز النصراني واليهودي: التثليث الكنائس الزنار االبن واألب وروح القدس أنا الموسوي اليهود التوراة األلواح. ولهذه المصطلحات حضور في ديوان األمير نراه ظاهرا دون عناء أحيانا وفي كمون وخفاء أحيانا أخرى جمعت جل هذه المصطلحات الواردة في الديوان ودرست بعضا منها. 1. الجمال والجالل:»االطالق والتقييد«الجمال اصطالحا : والجمال: هو تجل ية بوجهه لذاته 126 16 ال يخفى الجهد العظيم الذي قامت به الدكتوره: سعاد الحكيم من استالل المصطلحات الصوفية من مؤلفات الشيخ األكبر- ابن عربي- في معجمها الضخم: المعجم الصوفي والذي بلغ عدد مصطلحاته 706 مصطلحات.
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت فلجماله المطلق جالل هو قهاريته للكل عند تجليه بوجهه فلم يبق أحد حتى يراه وهو علو الجمال وله دنو يدنو به منا وهو ظهوره في الكل... ولهذا الجمال جالل هو احتجابه بتعينات االكوان. 17 الجمال: جمال مطلق وجمال مقي د. فالمطلق: ال يليق إال باهلل نور السموات واألرض وهو الجمال اإللهي الذي ال يعلل وال يكي ف وال يمث ل وال يعرف كنهه إال هو. والجمال المقي د أيضا نوعان: جمال كلي: وهو الجمال اإللهي الساري من ذلك الجمال المطلق فيها سوى اهلل. من عقل ونفس وفلك وكوكب وطبيعة وجسم وهيولى وعنصر... وجمال جزئي وهو: خفي وجلي. فالخفي: جمال في الشيء معقول عن الحقائق مجرد عن الحواس وال يدرك إال بنور العقل الذي يناسبه. والجمال الجلي: وهو الذي تعلق بالجسوم ال على جهة الحلول فيها إنما هو إشراق وانارة وهو م در ك الحواس التي ال تدرك شيئا إال مع أشكال الجسوم وأوضاعها وعلى ما أدركته تؤديه إلى الخيال والذي أدركته إنما هو مجلى الجمال ومظهره ال ذاته. 18 والجمال عند الصوفية هو الجمال المطلق الذي ال يراه إال العارفون الذين استغرقوا في المشاهدة معبرين عنها بوحدة الشهود الناتج عن غيبة العقل والفناء عن الحس كالذي عبر عنه ابن 19 الفارض بقوله: ال ل ز خ ف ر ز ين ة ي ب ت ق ييد ه م ح بإط الق الج م ال وال ت ق ل و ص ر ل يح ة ل ح س ن ك ل م ار ل ه ب ع م ف ك ل م ليح ح سن ه م ن ج مال ه ا ر ع ز ة ك م ج نون ل ي ل ى أ و ك ث ي ب ه ا ق ي س ل ب ن ى ه ام ب ل ك ل عاش ق وهذا شاعرنا األمير عبد القادر يقول باإلطالق وينفي التقييد وهذا الحال ال يصل له اال الراسخون 20 في المعرفة الجمالية التي ال ترتبط بلون وال شكل وال نوع يقول: أ ن ا م ط ل ق فال ت ط ل ب وا لي الد ه ر ق ي د ا و م ال ي م ن ح د ف ال ت ب غ وا ل ي ح د ا ب ط ن ي م الي و من ك ي ف في ض ل ك م ة ال أ ع دو من ها وال ب د ا وال ص ور حاط ب ها ع د ا وإن ش ؤ وني ال ي ق ى أن ين ثاب ت ب ومالي ش أ ن ي غ وا ت ب ل ي ض د ا فال ت ط ل ب وا م ث ال و ال وم ا ل ي م ن م ث ل و م ال ي م ن ض د 17 اصطالحات الصوفية ص: 19 18 موسوعة مصطلحات التصوف االسالمي ص: 250 251 19 التائية الكبرى ابن الفارض ص 41 20 الديوان 119 127
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر د ا وا وال ت ن ظ ر ز ي روا ع م وا فال ت ن ظ ر ة ر وال ت ن ظ ر وا غ ي ي م ن ك ل صور ففي غمرة وجده نرى األمير يتكلم بلسان الذات اإللهية ال بلسانه ألنه فني عن صفاته وغاب في فنائه عن فنائه فال يرى محركا وال فاعال على الحقيقة اال اهلل تعالى وكل ما يدور حوله من جمال في الصور أو الخيال أو الحركة والسكون لكل المخلوقات من أنسان وحيوان ونبات وجماد ما هو إال أثر من آثار تجلي األسماء والصفات فهو سر القيومية والمعرفة ال تكون اال بعد معاينة الشيء أو ذوقه والحديث عنها ال يكون اال بعد ذلك فمن ذاق عرف كما يقول المتصوفة والجزائري يحدثنا عن هذه المعرفة حديث الواصل الحاضر الذي تصور الوجود»على أنه واحد ال ثاني له فالواصل الفاني عن ذاته القائم بذات غيره يوحد وال يعد د ويفرد وال يثني ألنه في حال شهوده ال يرى إال وجوده وكل ما خال اهلل باطل فمن ال وجود بذاته لذاته ال وجود له على الحقيقة وهذه المعرفة التي يقررها أبو مدين في المقطعتين ال شك أنها نتيجة للحضور وثمرة لها فال يقرر وحدة الوجود إال بعد الشهود وال يحصل شهود دون حضور«21.وهو المعبر عنه لدى ابي مدين التلمساني: ن ع ق ل ك ل م ت ج د ي ن ظ ر فإذا ت ب ع ر ق ي من غ ي ه وإذا ط ل ب ت ح ق ة ورا ص اه على الذ وات م و ش ئ ا ي س ث را ع ل ج ه ل ك ال ت ز ال م ف ب ذ ي 22 إال اهلل واه ه ل في الو ج ود الحي ي ال أ ريد س ب وقوله: اهلل ر ق وام ذ وات نا ه ل كان ي وج د غ ي ر ه ل و اله ذات اإل له بها 2. الفناء والبقاء والسكر والصحو والغيبة والحضور: لفظان متقابالن في المعنى وجاء في لسان العرب: والبقاء: ضد الفناء ويقال للشيخ الكبير فان إذا هرم وأخفاه الموت. وورد ذكرهما في قوله تعالى:) كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجالل واإلكرام(.)الرحمن 27(. 26 وهو في اصطالح الصوفية:«إذا أطلق الفناء: إنما ينصرف للفناء في الذات وحقيقته: محو الرسوم واألشكال بشهود الكبير المتعال. واستهالك الحس في شهود المعنى. 23 وله معان كثيرة وكل معنى من المعاني يناسب حاال من األحوال وكل فناء له تعريف وبقي الفناء مالصقا للبقاء ومالزما و)تاليا له في الزمن( عند معظم الشيوخ إذ ظلت هذه التعريفات منصبة على قولهم«الفناء هو الفناء عن كذا وكذا والبقاء هو بقاء بكذا وكذا فتعريف الفناء هو تعداد [ما] 24 للفاني من الصفات. والبقاء تعداد[ما] للباقي منها. فالسهروردي )ت: 632 ه( يعرض أكثر من قول منها قول الخر از )ت: 277 أو 279 ه(:»الفناء هو التالشي بالحق والبقاء هو الحضور مع الحق. وقول الجنيد )ت: 279 ه(:«الفناء استعجام الكل عن أوصافك واشتغال الكل منك بكليته. 128 21 ديوان ابي مدين التلمساني ص 57 وشعر ابي مدين التلمساني مختار الحبار ص 58 22 السابق ص 57 23 معراج التشوف إلى حقائق التصوف أحمد بن عجيبة ص: 30. 24 معراج التشوف إلى حقائق التصوف أحمد بن عجيبة ص: 30.
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت ولما سئل الخراز: ما عالمة الفاني قال عالمة من ادعى الفناء: ذهاب حظه من الدنيا واآلخرة 25 إال من اهلل تعالى«. وخالصة أقوال الصوفيين في الفناء والبقاء تتلخص فيما يلي:- أوال: فناء المخالفات وبقاء الموافقات وهذا تقتضيه التوبة النصوح. ثانيا: زوال الرغبة والحرص واألمل وهذا يقتضيه الزهد. ثالثا: الفناء عن األوصاف المذمومة وبقاء األوصاف المحمودة وهذا يقتضيه تزكية النفس. رابعا: اإلشارة به )الفناء( إلى حقيقة الفناء المطلق وهو ما يستولي من أمر الحق- سبحانه وتعالى على العبد فيغلب كون الحق على كون العبد وهذا األخير ينقسم إلى فناء ظاهر وفناء باطن. فالفناء الظاهر: هو تجلي الحق- سبحانه وتعالى-بطريق األفعال ويسلب عن العبد اختياره وإرادته فال يرى لنفسه وال لغيره فعال إال بالحق. والفناء الباطن: أن يكاشف تارة بالصفات وتارة بمشاهدة آثار عظمة الذات فيستولي على باطنه أمر الحق حتى ال يبقي له هاجس وال وسواس. وليس من ضرورة الفناء أن يغيب عن إحساسه. واالستغراق من الفناء الباطن: وهو عدم الشعور واإلحساس بما يجري حوله. كما حصل لمسلم بن يسار)ت: 108 ه( عندما كان في الصالة فوقعت اسطوانة في الجامع فانزعج لهدتها أهل السوق فدخلوا المسجد فرأوه في الصالة ولم يحس باألسطوانة ووقوعها. وقد يتحقق الشخص بالفناء روحا وقلبا وال يغيب عن كل ما يجري عليه من قول وفعل. ويقول السهروردي )ت: 632 ه(: الفاني إما أن يكون تاركا لالختيار منتظرا لفعل اهلل أو صاحب انتظار إلذن اهلل في كليات أموره راجعا إليه بباطنه في جزئياتها فان. والفاني محجوب بالحق عن الخلق. أما الباقي هو الذي ملكه اهلل اختياره وأطلقه في التصرف يختار كيف شاء وأراد ال منتظرا للفعل 26 وال لإلذن هو باق والباقي في مقام ال يحجبه الحق عن الخلق وال الخلق عن الحق. هذا ولم يعر ف الفناء والبقاء تعريفا ماهويا في التصوف القديم حتى جاء ابن عربي ونظر إلى الفناء والبقاء نظرة انطولوجية على حين أن التصوف السابق -في غالبيته تقريبا- كان ذا نظرة خلقية لهما. والسبب في ذلك يعود إلى نظرتهما للتصوف بحد ذاته: فالتصوف السابق ترعرع وشب في صميم األنظمة الخلقية فالكمال هو الكمال الخلقي:«التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف«على حين أن كل تلك المفردات التي ترتبط بالكمال اتخذت معنى انطولوجيا عند الشيخ األكبر. 25 عوارف المعارف ص: 470. 26 انظر عوارف المعارف ص: 472. 129
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر وهذه النظرة األنطولوجية لهما كانت من خالل نظرية ابن عربي في «الخلق الجديد«يقول ابن ن ف س وال يكرر التجلي ويرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا عربي:«إن اهلل يتجلى في كل 27 جديدا ويذهب بخلق فذهابه هو عين الفناء عند التجلي والبقاء كما يعطيه التجلي اآلخر.«والفناء والبقاء من األلفاظ االصطالحية الشائعة في شعر األمير عبدالقادر الجزائري وأغلبه من الفناء الحقيقي الظاهر والباطن وال يخلو عن بقية األنواع التي أشرت إليها في التوطئه للفناء والبقاء 28 وسيظهر هذا خالل التطبيق على شعر األمير:يقول: س م نا ف ي ش م ل ه الح د ب ر ق وم د ي ع خ سي ل ف ن ي ب ]طويل[ أ ر ى ال ذي أف ناني ن ر س م نا ي ج يب إ ذا د ع ي ال ر د وال ج ح د ى اس مه ي ع ي ل ذاك أر ف م ا باله م يدع ونه ع ب د قاد ر ولم ي ب ق إ ال ق اد ر م ا ل ه ع ب د لقد باد م م ك ن قد كان قبل بائد ا وزال خ يال الظ ل وارت ف ع الس د ن ذا ي ك ل ك م م ق ص د وا أ ال ف اط ل ب م ر ف ون ه ف ل س ت أنا ذاك الذي ت ع ول ستم أنتم ال ذ ين ع ر ف ت ه م د د ك م ز ي و ع مر وال زي وك م ع مر ف م ا د ف ي و وال يبدو ب ف ي ير وت ع ب ما ي لقد ضاق صدري بالذي أن ا واج د غ د و ك م ي عاذ ر ن قد ذاق ه كما أن م ن ذ اق أن ضاق صدر أال فاع ذ ر وا م األنا في شعر الجزائري الصوفي منه ال وجود لها فقد غاب عن وجوده بوجود خالقه وذلك إلدراكه أن هذه الذات المحسوسة ذات محدودة فانية مآلها إلى فناء فحال الفناء أفناه عن اسمه فأنكر على من يدعوه عبد القادر ألنه في غمرة فنائه فال يرى العبد ولكنه يرى القادر سبحانه. ف م ا باله م يدع ونه ع ب د قاد ر ولم ي ب ق إ ال ق اد ر م ا ل ه ع ب د ويؤكد فناءه بأنه مخلوق من عدم ونهايته إلى عدم وما وجوده إال حجاب وسد مانع كما في الحكم العطائية وجودك ذنب ال يقاس به ذنب قوله: ل ق د باد م ن كان م ن ل ق ب بائ د ا وزال خ ال ي الظ ل وارت ف ع الس د أن ت م ول ست م ال ذ ين ع ر ف ت ه م 29 د د ك م ز ي و ع مر وال زي وك م ع مر ف م ا 130 27 فصوص الحكم ج 1 ص: 126. انظر مصطلح»خلق جديد«في المعجم الصوفي ص: 429. واعتبر الدارسون عبارة«خلق جديد«من العبارات الرئيسة عند ابن عربي وفلسفته الصوفية فأفاضوا في تأمل جوانبها واستقصوا مصادرها. انظر هذه الدراسات في المعجم الصوفي ص: 432. 28 الديوان ص 121 29 انظر قصيدته»الذي أفناني«ديوان الشاعر األمير عبد القادر الجزائري جمع تحقيق شرح وتقديم د. العربي دحو ط 3 ثالة 2007 الجزائر ص 121
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت والفناء عند الصوفي يفنيه عما حوله وعن نفسه فال يرى فاعال على الحقيقة اال اهلل تعالى فهو فان عن ذاته باق بخالقه كما زالت أوصاف النفس في حال محوه 30. فهو يرى األمور على حقيقتها ال على ظاهرها يرى الخالق في خلقة ويرى الفاعل على الحقيقة انسجاما مع قول النبي «كنت سمعه الذي يسمع 31 به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها«. وعب ر األمير عن ذلك بقوله فصرت أراه كل حين ولحظة وقد كان غائبا وقد كان حاضرا ل ض د ين ن م ن ك ل الو ج وه ت ناف را وما ع ر ف الخ ال ق إال بج م ع ه ا وباص را ب ن ي فكان سمع وق ر وواصل ني ف ال ب ع د ذا ت ناك ر هكذا يعبر عن وصوله إلى درجات المعرفة بالتصريح والعبارة ال بالتلويح واإلشارة وان ه سبحانه وتعالى- قربه حتى أمسى سمعه وبصره باهلل طبقا للحديث النبوي:«ومايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها«32 وكذلك يصرح بقربه من اهلل ويأتي القرب من النوافل وأكثرها قربا السجود لقول النبي ضلى اهلل عليه وسلم- أقرب ما يكون العبد من رب ه في سجوده «33 34 والقرب مقام من أرفع المقامات وال يكون بعده اال مقام أو أدنى وهو مقام قاب قوسين ثم يعرج في قصيدته الرائية على ذكر المجنون والحالج اللذين فنوا بالمحبوب ففناء المجنون كان فناء محجوبا بليلى في قوله : 35 لبعض الذي شاهدت مات ف أق ب را شاه د وكم من ش ه يد للغ رام م را في ليلى ف مات وال ه ا م ت ح ي وذا قيس عام ر ت خ ي ل ن ور نا ع طائ ي م را إليك ف ح د ث ع ن خ ب لقد س ب ق ت ب الف ض ل منا عناية في هذه األبيات يفرق الشاعر بين حب حب أرضي حجب صاحبه عن الحب الحقيقي للذات ين: فاألول أصاب اإللهية بمحبوبه الفاني وحب الهي باق ال يفنى عاشه األمير وشتان بين الحب ين صاحبه بالحيرة والوله والذهول ألن ه حب متعلق بالممكنات الفانية فيقضي وهو على حاله والث اني أصاب صاحبه بالحيرة أيض ا والتي هي مقام من مقامات الفناء في المحبوب والوصول إلى اهلل ألن «الحيرة في اهلل عين الهداية إليه ولذلك طلب الزيادة منها«36 فكل من حار وصل والذي اهتدى انفصل على حد تعبير ابن عربي والذي سنذكره في مقام الحيرة الحقا. 30 انظر المحو واإلثبات عوارف المعارف ص: 477. 31 الديوان ص 122-121 32 رواه البخاري في فتح الباري بشرح صحيح البخاري ورقم أحاديثه محمد فؤادعبدالباقي كتاب الرقاق باب التواضع حديث رقم 6502 ورواه المناوي األحاديث السنية باألحاديث القدسية رقم الحديث 137 33 رواه مسلم وأبو داوود في باب الدعاء في مختصر صحيح مسلم تحقيق ناصر الدين األلباني حديث رقم 298 ص 85 والتاج الجامع لألصول ح 1 ص. 194 34 الكاشاني عبد الرزاق معجم اصطالحات الصوفية تحقيق وتقديم وتعليق د.عبدالعال شاهين دار المنار القاهرة ط 1 1992 م ص 159 35 الديوان ص 121 36 النابلسي عبد الغني شرح ديوان ابن الفارض ج 1 دار التراث بيروت د.ط د.ت ص 227 131
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر وها هو يشرب من الكأس التي شرب منها الحالج فأفناه عن ذاته: سط را ة فكان ال ذي ق د كان من ه م دام وق د ش رب الح الج كأ س م والكأس ب ع د ه وإن ي ش ر ب ت الكأ س 37 وكأسا ش يا ما أ نا حاض را وكأ س ا فالحالج حين فاضت عليه الفيوضات الربانية من المعاني واألسرار التي لم يحتمل كتمها فباح بتلك االسرار التي أدت الى مقتله وهاهو األمير عبدالقادر يحتسي الكأس تلو الكأس حتى يغيب ويفنى في فيوضات فاضت على قلبه فعبر عنها دون خوف أو وجل من حد فصرح كما صر ح الحالج ولكن ظروف الوقت كانت مختلفة في زمن األمير فبالد األتراك وبالد الشام كانت قد تجاوزت ما كان عليه عصر الحالج وإال للقي ما القاه الحالج ألن األسرار إذا أبيحت أبيح دم ذائعها. وفي السر أسرار دقاق لطيفة تباح دمانا جهرة إن بها بحنا 3. مقام الحيرة: الحيرة لغة: حار الرجل في أمره فهو حائر وحيران وامرأة حيرى وهم وهن 38 حيارى وحيرته فتحي ر الحيرة اصطالحا :«الحيرة من وجهين حيرة تقع من شدة خوف اقتراف الذنوب وحيرة تقع من كشف التعظيم للقلوب و الحيرة: بديهة ترد على قلوب العارفين عند تأملهم وحضورهم وتفكرهم 39 تحجبهم عن التأمل والفكرة.وهي الغرق في بحار العلم والحيرة»مقام ألهل التجلي الختالف الصور«40 ويرى ابن عربي أنه كلما زاده الحق علما زاده ذلك العلم تحي را وال سيما أهل الكشف الختالف الصور عليهم عند الشهود فهم أعظم حيرة من أصحاب النظر في األدلة بما ال يتقارب قال النبي صلى اهلل عليه و سلم بعد ما بذل جهده في الثناء على خالقه بما أوحى به إليه ال أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وقال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه في هذا المقام و كان من رجاله العجز عن درك اإلدراك إدراك أي إذا علمت إن ثم من ال يعلم ذلك هو العلم باهلل تعالى فكان الدليل على العلم به عدم العلم به و اهلل قد أمرنا بالعلم ر ك م اهلل ن ف سه * ونهى رسول اهلل صلى بتوحيده و ما أمرنا بالعلم بذاته بل نهى عن ذلك بقوله و ي ح ذ ء كيف يوصل إلى معرفة ذاته ي ل ي س ك م ث ل ه ش اهلل عليه و سلم عن التفكر في ذات اهلل تعالى إذ من فقال اهلل تعالى آمرا بالعلم بتوحيده ف اع ل م أ ن ه ال إ ل ه إ ال اهلل فالمعرفة به من كونه إلها و المعرفة بما ينبغي لالله أن يكون عليه من الصفات التي يمتاز بها عن من ليس بإله وعن المألوه هي المأمور بها 41 شرعا فال يعرف اهلل إال اهلل» 132 37 الديوان ص 121 العجز ملئ بالزحافات وفيه كسر عروضي اثبتناه للشاهد فحسب وهو الفناء والغيبة 38 أساس البالغة باب حير 39 المعجم الصوفي د. سعاد الحكيم ط 1 دندره بيروت ص 359. نقال عن فصوص الحكم ابن عربي ج 1 ص 73-72 40 المعجم الصوفي سعاد الحكيم ص 359 41 الفتوحات المكية ابن عربي محي الدين طبعة دار الكتب العربية الكبرى مصر نسخة مقابلة على نسخة المؤلف الموجودة في قونية وطبع بأمر األمير عبد القادر الجزائري ج 1 ص 270
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت قال الواسطي: حيرة البديهة أجل من سكون التولي عن الحيرة«42»الحيرة موقف بين اليأس في اهلل والطمع في اهلل بين الرضا والخوف وبين التوكل والرجاء والحيرة التي ال ترد إال على قلوب العارفين أصحاب الحقائق عند تأملهم وحضورهم ويقول بعض العارفين: إن موقف التحي ر يليه موقف االتصال ثم االفتقار ثم الحيرة. ومعنى ذلك أن موقف التحي ر يتبعه الرجاء ثم الوصول إلى المطلوب ثم يشعر المتحي ر مرة أخرى باحتياجه إلى اهلل وافتقاره إليه فهو الرب الغني الصمد وهو العبد الناقص المحتاج ويداوم الطلب للقربة والوصل فيقع مرة أخرى في الحيرة فالعارف إذن بين حيرة واتصال وافتقار دائم. 43 هذا الشاعر الحائر يتوسع في هذا المقام وكأن ه يردد»اللهم زدني فيك تحي را«لقول ابن عربي: ان ف صل صل والذي اهتدى و كل م ن حار وألن ها أعظم ما تكون ألهل التجلي الختالف الصور عليهم في العين الواحدة. وفي هذا المقام يقول األمير عبد القادر الجزائري : 44 يا حيرة الع ق ل ويا ظ ل مة ما ل ه والحبر ن ور ال ع ذر به ل جاهل يا م غ رور 45 وقوله في قصيدة يا حيرتي أيا ح ر ي تي وما الذي أص ن ع قد ض ق ت ذ رع ا فما ي ن ف ع أكاد ن ف ط ر ت راني م ا ج واه ر ي م ب ث وث ة أ ج م ع وط ور ا أذوب ك ث ل ج ب ما ف آل إلى أ ص ل ه أ ن ف ع خ ر ج ي س د ع ل ي فما أ ط لع وك ل ما ق ل ت هذا م ف إ ن ك ن ت غ ي ر ا أنا م ش ر ك وإ ن ك ن ت ع ي ن ا ف ذا أ ف ظw ع وإ ن ك ن ت ذاك وذاك أ ن ا ف ك ل الن قيض ن ي ال ي ج م ع ت س م ي ة لي وأي ظاه ر وكل العوال م ط و ك ن ب ر ق ه ي ل م ع إذا لم ي ر ا أ نا فقد جم ع الضد لي م ج م ع ت وال ت ف كان لها الم ر ج ع ب حي ر وأه ر من تي ك ل ما وحتى القيامة ال ت ق ل ع رتي وحي ما ك ن ت كائ ن ة فليس إلى غير ها م ف ز ع فأش ك و إلى ح ي رتي ح ر ي تي 42 موسوعة مصطلحات التصوف االسالمي 313 43 ألفاظ الصوفية ومعانيها ص 146 وانظر كذلك مصطلح الحيرة في المعجم الصوفي سعاد الحكيم مصطلح 193 ففيه تفصيل وزيادة مفيدة ص 357 44 الديوان 121 45 الديوان 126 133
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر في هذه القصيدة تتجسد حيرة األمير عبدالقادر الجزائري وكل مظاهر الحيرة تعرض له في هذه القصيدة فنجد االمير ال يعرف ماذا يصنع بل ضاق ذرعا بحالته هذه فهو منفطر القلب ومشتته فوصف نفسه مرة مشتتا وأخرى ذائبا كالثلج وال يجد مخرجا من حالته هذه وهنا يتسرب الشك الى نفسه هل هو على الجادة أم جانب الحقيقة والصواب ونتيجه للفناء بالذات وتحققه بفنائه ورؤيته للحقيقة فال يعرف ما هو عليه ويخشى أن يقع بالشرك إن كان رأى السوى الفاني لتحققه من قوله ك ذ و تعالى:«ك ل شيء ها ل ك إال و ج ه ه «)القصص: 88 ( ومن قوله:«ك ل م ن ع ل ي ها ف ان و ي ب ق ى و ج ه ر ب الج واإل ك ر الل ام» )الرحمن: 56 و 27 ( فتحقق من فنائه وهالكه كما تحقق من وجوده تعالى وبقائه وهنا يرى العارف المحرك لألشياء على الحقيقة في الماضي والحاضر والمستقبل فهالك وفان اسماء فاعلين وهي غير مرتبطة بزمن وهنا يأتي الحيرة من خالل االرتقاء في مقامات المعرفة سر والعلم بالحقيقة التي ال يجوز البوح بها فهو يرى شيئا وال يستطيع الحديث به فالعوالم كلها في محو وفي اضمحالل وهذا ما عبر عنه ابن عطاء اهلل السكندري في حكمه:«ما حجبك عن اهلل وجود موجود معه ولكن حجبك عنه توهم موجود معه اهلل قل وذر الوجود وما حوى فالكل دون اهلل أن حققت واعلم بأنك والعوالم كل من ال وجود لذاته من ذاته والعارفون بربهم لم يشهدوا ورأوا سواه على الحقيقة هالك إن كنت مرتادا بلوغ كمال عدم على التفصيل واإلجمال لواله في محو وفي اضمحالل فوجوده لواله عين محال شيئا سوى المتكبر المتعال في الحال والماضي واالستقبال ولكن حجبك عنه تعالى توهم موجود معه أي توهمك أن ما سواه له وجود. والتوهمات باطلة ال حقيقة لها فال حاجب لك عن اهلل تعالى. فإن وجود اآلثار كوجود الظالل فمن شهد ظلية اآلثار لم يحصل له عائق عن اهلل. فإن ظالل األشجار في األنهار ال تعوق السفن عن التسيار. ولو كان بينك وبين اهلل حجاب وجودي للزم أن يكون أقرب إليك منه وال شيء أقرب من اهلل. فالحجاب 46 حينئذ أمر توهمي بال اشتباه والجزائري شديد الحيرة في الوجود وال أحد أشد حيرة في اهلل تعالى من العلماء به وهي داللة على كمال المعرفة لديه وينطبق عليه رأي الشيخ فريد الدين العطار يقول : «وادي الحيرة : هو مقام يتنازع السالك أحوال مختلفة فال يدري ما يصنع ال يستطيع أن يهب قلبه لهذا الجالل الذي ال ق ب ل له به وال أن يمسكه عنه بل يذهل عن نفسه وال يستطيع أن يقفو المرشد وال أن يسير وحده يضيق بالناس وبنفسه وال يسعه شيء ال هو مسلم وال هو كافر فإن دين الحيرة ال حدود له ليس له مبدأ وال منتهى وال يعرف الحب وال البغض وليس له روح وال جسم وال هو خير وال 134 46 ابن عجيبة ايقاظ الهمم في شرح الحكم العطائية شرح الحكمة رقم 137
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت شرير وال تقي وال فاسق وال معتقد وال شاك وال عظيم وال حقير ال هو شيء وال هو ال شيء وال جزء وال كل «. وسبب الحيرة في العلم باهلل هو ان العارف مهما بلغ وارتقى في درجات المعرفة ال يصل إلى حقيقة المعرفة باهلل ألن ه ال يعرف اهلل إال اهلل وهنا يعجز عن إدراك المعرفة الكاملة ألن العجز عن درك اإلدراك إدراك ألن ه يتخي ل في أول تجل أنه قد بلغ المقصود و حاز األمر وأنه ليس وراء ذلك شيء يطلب سوى دوام ذلك فيقوم له تجل آخر بحكم آخر ما هو ذلك األول والمتجلي واحد ال يشك فيه فيكون حكمه فيه حكم األول ثم تتوالى عليه التجليات باختالف أحكامها فيه فيعلم عند ذلك أن األمر ما له نهاية يوقف عندها ويعجزوا وهؤالء ارتفعوا عن األكوان وما بقي لهم شهود إال فيه فهو مشهودهم واألمر بهذه المثابة فكانت حيرتهم باختالف التجليات أشد من حيرة النظار في معارضات الدالالت عليه فقوله صلى اهلل عليه وسلم أو قول من يقول من هذا المقام: زدني فيك تحيرا«. 47 48 ولم يخل ديوان من دواوين الصوفية إال وذكر الحيرة كابن الفارض والنابلسي والكردي والشاغوري 49 والعيدروس والحالج وابن عربي واشتهرت قصيدة ابن الفارض: وقال أيضا : ]الكامل[ را وار ح م حشى بل ظ ى هواك تسع بف ر ز د ني ط الح ب فيك ت ح را ي وإذا سأل تك أن أراك حقيقة فاسم ح وال تجعل جوابي لن ت رى قلب أنت وعد تني في ح ب هم يا ص برا فحاذر أن ت ض يق وت ضجرا ا صب فحق ك أن ت موت وت عذرا ت ب ه إن الغرام هو الحياة فم والنابلسي يقول: ]الطويل[ وك ي ف ت ر ى ل يل ى بع ين ترى ب ها س واها وما ط ه ر ت ها بال مدام ع ر س ر الغ ي ب فيك ت س ت را وقد ض ل منك الع ق ل حتى ت ح ي ر هي الس وي ق ول أبو بكر العيدروس: ]مخلع البسيط[ ت ذ ه ب فيه بكل م ذ ه ب و ر ح ت لم أدر أين أ ذ ه ب ح يرة ف ن اء ب ق ي بال ذ هول فما لي س واه م ط ل ب 47 الفتوحات المكية ابن عربي محي الدين طبعة دار الكتب العربية الكبرى مصر نسخة مقابلة على نسخة المؤلف الموجودة في قونية وطبع بأمر األمير عبد القادر الجزائري ج 1 ص 272 ولالستزادة في معرفة الحيرة في المصطلح الصوفي http://almuada.4umer.com/t4791-topic 48 شيخ الطريقة الشاذلية في األردن وردت الحيرة في ديوانه القصائد الروحية في األسرار الذتية 49 عبدالرحمن الشاغوري صاحب ديوان الحدائق الندية راس الطريقة الشاذلية في بالد الشام 135
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر ب ي ومن بقائي وفي اله وى كل حال أ ع ج ع ج ب ت من ح ر اله و ى ج ر اء ة م ن غ ي ر س ب ح م ر وغ ي ر ك ب وخ ض ت ب والكاس سكران أسكر من هوائ ي ه ع ش أ شر قي من ق بل ب كأ س أين س ك ر ك س ك رى ب م ن قد ه و ي ت أغ لب فق لت يا وللحالج في الحيرة: ]السريع[ لهو ح ه في ح ير ة ي ن رام ه ب الع قل م ست رش دا أ س ر م شاب ب الت دليس أ سرار ه ق د 50 4. الوحدة: ي قول في ح يرت ه ه ل هو تعددت األلقاب والعين واحد فما ثم إال اهلل عين الغير فشيئان لفظ نحن والعين واحد فأنت هو األنا وهو أنت فاذكر وقوله: 51 وما كان غيرنا ولم يبق غيرنا أنا الساقي والمسقي والخمر والكأس تجمعت األضداد في وإنني أنا الواحد الكثير والنوع والجنس فال تحتجب بما ترى متكثرا فما هو إال شخصنا النزه والقدس حالة من حاالت الفناء والغيبة والسكر كان اهلل وال شيء معه وهو اآلن على ما عليه كان وفي الحديث القدسي: كنت كنزا ال أعرف فأحببت إن أعرف فخلقت خلقا فعرفتهم بي فعرفوني وفي لفظ فتعرفت إليهم فبي عرفوني. 52 هذا التجلي ينبعث في قلب األمير ليتعرف إلى حقيقة الخلق العارضة إذ األصل لجميع الورى واحد كما قال النابلسي : وأصل جميع الورى نقطة على عين أمر بدت أحرفا فهو يرى الكثرة من خالل رؤيته للوحدة لعلمه بأن الواحد باق وغيره فان فال وجود لألغيار والعين واحدة تكثرت بالتجلي االلهي على الممكنات بإيجادها من العدم وامدادها بالنعم - سبحانه وتعالى فالحق مستبد والخلق مستمد. تجلى اهلل على الجزائري برؤية الواحد المحرك لالشياء في فيوضات فاضت على قلبه 136 50 الديوان ص 124 51 الديوان 125 52 قال ابن تيميه ليس من كالم النبي - صلى اهلل عليه وسلم - وال يعرف له سند صحيح وال ضعيف.وتبعه الزركشي والحافظ ابن حجر في الآللي والسيوطي وغيرهم. وقال القاري ولكن معناه صحيح مستفاد من قوله تعالى:«Lوما خلقت الجن واألنس إال ليعبدون :أي ليعرفوني كما فسره ابن عباس رضي اهلل عنهما.. وهو واقع كثيرا في كالم الصوفية واعتمدوه وبنوا عليه أصوال لهم )كشف الخفاء ج 2 ص: 173(.
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت متحققا في الصفات السلبية هلل تعالى: البقاء والقدم ومخالفته للحوادث والغنى عن المحل والمخصص والوحدانية كما تحقق من الصفة النفسية هلل تعالى أال وهي الوجود الذاتي هلل تعالى وهو المعب ر عنه في المصطلح الصوفي بوحدة الوجود الشهودية. 5.الحب اإللهي في شعر األمير: الحب على قلبه ولسانه يطلعنا الديوان على أمير عاشق وموله خبير في الحب ففاضت مشاعر ولكنه حب خالد ال يفنى إنه الحب الصوفي حب الذات اإللهية التي هام بها غراما وهو الحب الحب الخالد المطلق الذي ر عنه في ع ب الناتج عن اإلخالص لخالقه وإطاعة أوامره فمثل هذا اإلصطالح الصوفي بأنه:«ميل دائم بقلب هائم ويظهر هذا الميل أوال على الجوارح الظاهرة بالخدمة وهو مقام األبرار وثانيا على القلوب الشائقة بالتصفية والتحلية وهو مقام المريدين السالكين وثالثا 53 على األرواح واألسرار الصافية بالتمكين من شهود المحبوب وهو مقام العارفين«فبداية المحبة: ظهور أثرها بالخدمة. ووسطها: ظهور أثرها بالسكر والهيام ونهايتها: ظهورها بالسكون والصحو في مقام العرفان. فلهذا انقسم الناس على ثالث مراتب: أرباب الخدمة وأرباب األحوال وأرباب المقامات فبدايتها سلوك وخدمة ووسطها جذب وفناء ونهايتها صحو وبقاء. 54 وحب األمير عبدالقادر تدرج في مراحله الثالث كما قسمه الصوفية:محبة العامة ومحبة الخاصة ومحبة خاصة الخاصة.أما محبة مع دوام الذكر ألن من أحب شيئا أكثر من ذكره«. وهذه الحال ينطبق عليها العامة: وشرطها صفاء الود باع الرسول مع قول سهل بن عبد اهلل التستري )ت: 283 ه(:«موافقة القلوب هلل والتزام الموافقة هلل وات دوام االستهتار )الولع والشغف( بذكر اهلل تعالى ووجود حالوة المناجاة هلل وكذلك ما قاله بعض المشايخ عن المحبة:«استهتار القلوب )شغفها( بالثناء على المحبوب وإيثار طاعته والموافقة له كما قال القائل: ]الكامل[ ك لو كان حب صادقا الطع ته إن المحب لمن يحب م طيع ومحبة الخاصة: تتولد من نظر القلب إلى غناء اهلل وجالله وعظمته وعلمه وقدرته وهو حب الصادقين والمتحققين. وشرطها: هتك األستار وكشف األسرار. وعند سمنون الخو اص )ت: 290 ه( محو اإلرادات واحتراق جميع الصفات والحاجات.و«ال تصح المحبة حتى يخرج من رؤية المحبة إلى رؤية المحبوب بفناء علم المحبة من حيث كان له المحبوب في الغيب ولم يكن هو بالمحبة 55 فإذا خرج المحب إلى هذه النسبة كان محبا من غير محبة واألمير عبدالقادر متأثر بشعراء الغزل العذري كغيره من شعراء الصوفية وذلك لعالقة تربط بين الصوفي والعذري والعالقة بينهما عالقة مشابهة من حيث استخدام األلفاظ والعاطفة العارمة والهيام فنجده في تجاه المحبوب يعبران عنها بألفاظ حسي تتشابه في طرق التعبير عن الحب ة 53 ابن عجيبة عبداهلل أحمد )ت 1224 ه/ 1809 م( معراج التشوف إلى حقائق التصوف تقديم وتحقيق عبد المجيد خيالي مركز التراث الثقافي المغربي الدار البيضاء ص 32 54 ابن عجيبة معراج التشوف إلى حقائق التصوف ص 32 55 الطوسي أبو نصر السراج )ت 378 ه/ 988 م( اللمع تحقيق: الدكتور عبد الحليم محمود وعبد الباقي سرور دار الكتب الحديثة مصر 1960 م ص 88-86. 137
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر شعر المتصوفين: كرابعة العدوية وابن عربي وابن الفارض وعمر اليافي وعبد الغني النابلسي وأمين الجندي وأبي مدين الغوث التلمساني كما نجده في شعر األمير عبدالقادر الجزائري وغيرهم من شعراء الصوفية. كما نجده لدى قيس وك ث ي ر وجميل وغيرهم من العذريين. وتجمعهما المعاناة اإلنسانية كالخوف المقلق من البعاد وعدم الوصال والشوق المحرق للقاء المحبوب ولعل المتصوف في الحب اإلنساني واحتدمت به عاطفته حب ه ال يتيسر له أن يعبر عن شوقه وحب إال إذا كان قد عانى من ه حب أسمى هو حب الذات اإللهية. اإلنسانية ثم أحال ذلك الحب إلى ونخلص إلى أن العالقة بين الشاعر الصوفي والشاعر العذري هي عالقة مشابهة في اإلخالص والتو ل ه للمحبوب فكالهما يصل إلى درجة الفناء في محبوبه وكالهما نهج المنهج نفسه منهج المتعففين من العشاق ونعلم ما بين العفة في الحب وبين الزهد من تشابه فكالهما يترفع عن الغريزة الهابطة ويتسامى بشعوره ومشاعره فالعذري يتعلق بمحبوبته تعلقا مثاليا والصوفي ترتقي نفسه تأمال حتى إذا فاض عليها اإلشراق تحققت بأن اهلل هو المعشوق األول. وبناء على ما سبق فالعارفون لم يسمعوا غزال وال شعرا إال فيه تعالى من خلف حجاب الصور وعليه فما أحب أحد غير خالقه ولكن احتجب بحب زينب وسعاد وكل محبوب في العالم كما يرى ابن عربي في فلسفته للحب. 56 الحب الصوفي وحكمه االستهالك في الكلية»حب الذات هذا هو الحب وهذه هي فلسفة للذات في الحضرة األحدية بفناء رسم الحدوث في عين األزلية 57.فإذا وجدنا غزال وتشبيبا وولها اإللهي وإن استخدم ألفاظ العذريين ومر بمراحل وهياما في شعر األمير الجزائري فمقصوده الحب الحب بكل أشكاله حب البدايات والوسط والنهايات والذي أوله جنون وأوسطه فنون وآخره ة فمن نماذج شعر األمير الح بي نختار : 58 سكون يعيش خاللها المحب أوقات وص ل كم عيد وأفراح هم يا من الروح والر لي و ح والر اح ا الحس ن تر تاح حي وحق ق ت في م ته م يا من إذا اك ت ح ل ت ع ي ني ب ط ل ع عقل ونفس وأعضاء وأرواح دب ت حمي اهم في كل جوهرة فما نظرت إلى شيء بدا أبدا إال وأحباب قلبي دون ه الحوا نظرت حسن الذي ال شيء ي شب هه فما ي روق ل ق لبي ب عد م الح يا ل غ ير ه م وليس في طاق ت ي الرؤ و ل و ق ل ت ني الورى في ذاك أو شاح وا ه دهر ألم ت ر م ا ني في ب ح ر هم س ف ن حقا ا وم الا ح غرقت في ح ب 138 56 ابن عربي محي الدين محمد )توفي 638 ه/ 1240 م(الفتوحات المكية دار صادر بيروت د.ت ج 2 ص 326 57 الكاشاني عبد الرزاق معجم اصطالحات الصوفية ص 308 58 الديوان ص 115-114
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت ن ر أ ى ي و م ا ج مال ه م ماذا على م س وإص باح أن ليس ت بدو ل ه ش م ج بال مكة لو شامت محاسن هم حن وا ومن شوقه م ناحوا وقد صاحوا شهب الدراري مدى األيام ساب ح ة لو أبصرت هم لما جاءوا وال راحوا صبر المحبين ما ناحوا وال باحوا لو كنت أعجب من شيء أل ع ني ج ب أريد كتم الهوى حينا فيمنع ني تهت كي كيف ال والحب فض اح ال شيء يثني ع ناني عن محب ت هم وال الصوارم في صدري وأرماح فيك السحر قلت لهم نعم ولي صحة فيه وإصالح قال العواذل أ مداح د ا فلي به بين أهل الحب ال زال يربو مع اآلنات بي أب يا عاذلي كن ع ذيري في م ح ب ت ه م فإ ن ق ل ب ي بما ي هواه م ش حاح إن المالم إل غراء وت قو ي ة م هال فإ ن ك م ك ثار وم ل حاح إن ي أل ه ج ر خ ال ال ي ح د ث ني ع ن ه م وت حرم في الت وراة أ ل واح ش ر ع المحبة قاض في حكومت ه ب ص ر م خ ل من األ ش جان يرتاح مسكين ما ذاق ط ع م الع ش ق منذ ب دا وال اس ت ف ز ت ه من ل ق مان أ ر واح فما ن ديمي ب حان األ ن س غير فتى له أل خبار ه م ن ش ر وإيضاح ك س ب لي ب ل وال ش غ ل وال ع م ل ففي حديث هم ت ج ر وأ ر باح ال ما جن ة الخلد إال في مجالسهم فيها ثمار وأطيار وأرواح هوى المحب لدى المحبوب حيث ثوى وكيفما راح هب ت منه أرواح أود طول الليالي أن خلوت بهم وقد أ دير ت أباريق وأقداح يروع ني الصبح إن الحت طالئع ه يا ليت ه لم يكن ضوء وإصباح ليل ي بدا م شر قا من حسن طلعت ه م وكل ذا الده ر أنوار وأفراح الناس أو ساحوا ل غ ت ما رمت قر ن ف سا وقر ل ق د ب وط ب اس ك ن ف ؤاد ي واطلب إله ك ما ترجو فإن ل ه خزائنا ما لها ق ف ل وم فتاح نجد شاعرا مولها مولعا بالحب مشغوفا بمن أحب وفيها يستخدم الرمز االنثوي «سعاد وعلوة 139
يلوزيا ديعس دمحم ناوضر «يذكر فيها معاناته وحرقته وضره وبلواه اال انه يعبر عن شاعر عارف بالمحبة مخزون بالحب الصوفي العرفاني محيال الرموز المادية الى رموز عرفانية كما نجد لدى الشاعر وحدة الشهود فهو ال يرى في الممكنات إال اهلل - سبحانه وتعالى - فهو يناجية ليال ويتمنى دوامه فال يرى اال باهلل ونالحظ التناص مع العفيف التلمساني 59 في البيت الخامس وال يصل إلى تلك المعاني إال من 60 خاض البحر ثم عاد ليخبر القوم بما استفاد وفي قصيدته يقول: يقولون ال ت ن ظ ر س عاد وال علوة وعد من اآلثار واقص د لمن ت ه وى فإ ن ك م ك لوم الف ؤ اد م ت ي م أ خ و ج ن ة ب ل منها داؤ ك ذا أ د وا وق د م ل ك الل ي ل الب هيم ت ح ر ق ا كأ ن ك م ل سوع و ح ال ك ذا أ س وا فقلت أ راني ما أ ر ى غ ير م ن س ب ا ف ؤ اد ي وم ن قد ضاع ف الضا ر والب لو ى ن ظ ر ت إليه والمليحة ت ح س ب ن ن ظ ر ت إلي ها ال و م ب س م ها األ ض وا ولكن ج مال م ن أ ح ب ت ب د ا لي فها أ ن ا ذا أ ب د ي إل ي ه الش ك و ى وهكذا يضل المحب بين لذة القرب وحرقة البعد ولوعته ويتقلب بين هذه وتلك في معراج صوفي غير متناه يكون العارف مواصال سيره باهلل وهذا الترقي ال ينتهي. 6. عين اليقين وحق اليقين والقطبية: قسم الصوفية اليقين الى ثالث مراتب فقالوا:«علما وعينا وحقا ولكل حق حقيقة...وانما جعل له علما وعينا وحقا ألنه قد يكون يقينا ما ليس بعلم وال عين 61 وال حق ويقطع به من حصل عنده وهو صاحب يقين ال صاحب علم يقين..«قال األمير أيضا : 62 [ الكامل[ ن اد م ي ن ه إن الس رور م ي و ب ع واآلن ص رت م ن اليقين ب ح ق ه عال م متبوئ ا منه أ ج ل م ال أسم ي قطب العارف ين ل ك ل ع د ع ومزاح م اله ما م ن م ل ع ف رد ا أنت ال ذي في الف ض ل أ ص ح ب م كار م د ذا ف ض ل و خ د ن م بالسع ال زلت ميمون الن ق يبة ط ال ع ا اذا بلغ العارف درجات القرب والمعرفة تحقق بعلم اليقين وحق اليقين وعين اليقين وفي هذه األبيات يطالعنا الشاعر ويخبرنا عن درجته في العلم الل دن ي الرب اني أال وهو عين اليقين وهو أعلى درجات العلم فهو في غمرة المشاهد الربانية التي يطلعه اهلل عليها فال يرى في الوجود اال اهلل 140 59 انظر بيتي العفيف في«سلك الدرر«ج 4 ص 254 و«حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر«للبيطارج 1 ص 391 60 الديوان ص 131 61 المعجم الصوفي د. سعاد الحكيم ط 1 دندره بيروت ص 1205 نقال عم الفتوحات المكية محي الدين بن عربي ف 204/2-62 هذه القصيدة أقتبست من الموسوعة الشعرية من ديوان األمير عبد القادر ص 33
تتصوف األمير يرئازجلا رداقلا دبع من خالل فوصت فقلوب العارفين لها عيون ترى ما ال يراه الناظرون والعارف يخاطب الحضرة االلهية والناس يظنون أنه يخاطبهم وهذه الدرجة العينية من العلم يختص اهلل بها من يشاء من عباده بمحض كرمه وجوده فقد وهبها اهلل تعالى للخضر وحجبها عن موسى عليه السالم كما وهبها للجبل وحجبها عن موسى ألنه حين طلبها كان مع بقائه على مادته في جبلته فخر صعقا وهذا ال يقتضي األفضلية ولذا نجد المحمديين يطلبون الرؤية الحقيقية من اهلل كما طلبها ابن الفارض في قوله: 63 وإذا سألتك أن أراك حقيقة فاسمح وال تجعل جوابي لن ترى 7. وحدة األديان»الرموز الدينية«في شعر الجزائري: يرى فالسفة الصوفية أن جوهر األديان واحد والغاية المقصودة منه واحدة وإن تعددت الملل واختلفت النحل وتباينت الشرائع والشعائر. لذا لم يكن مقصود من يعتقدون وحدة األديان من أعالم التصوف هو الخروج على المعقول والمنقول كما يرى ابن تيمية 64 عندما علق على بيت ابن عربي: ]الكامل[ عقد الخالئق في اإلله عقائدا وأنا شهدت جميع ما عقدوه لما بدا صورا لهم متحوال قالوا بما شهدوا وما ج ح دوه وليس مخالفا لقوله تعالى: (إن الدين عند اهلل اإلسالم) )آل عمران: 19( وإنما هو دعوة إلى التوحيد الذي دعا إليه جميع األنبياء والمرسلين. والسؤال هنا هل دعا الصوفية وعلى رأسهم ابن عربي وتلميذه الروحي عبدالقادر الجزائري إلى وحدة األديان فعال أم دعوا إلى دين واحد»لم يقل ابن عربي بوحدة األديان رغم محاوالت الباحثين استنطاقه ذلك بل على العكس من ذلك إنه يفرق بين األديان من حيث هي صور متمايزة مختلفة لذلك«الدين واحد«والذي هو الشرع اإللهي المتقلب في مراتب الظهور بصور األديان المختلفة. فالدين واحد من لدن آدم إلى محمد- صلى اهلل عليه وسلم- وما تلك الشرائع إال كحبات عقد أو حلقات سلسلة. وكتاب فصوص الحكم هو خير صورة مث ل فيها ابن عربي اختالف األديان: فكل نبي له شرعة ومنهاج وهو حقيقة متميزة منفصلة عن حقيقة أخرى هي نبي آخر وشرعة أخرى... وهكذا حتى يصل إلى»الكلمة الجامعة«أو»جوامع الكلم«65 الذي هو النبي محمد - صلى اهلل عليه وسلم- وبه ينختم هذا الدين الواحد«. 66 بل أشار إلى عقيدته في»الدين الواحد«الذي يقبل في الزمن الواحد شريعة واحدة هي الشريعة الخاتمة للشرائع شريعة محمد - صلى اهلل عليه وسلم- إذن فكل النصوص التي توحي بوحدة األديان على 63 النابلسي عبد الغني شرح ديوان ابن الفارض ص 236 64 ابن الفارض والحب اإللهي. د. محمد مصطفى حلمي ص: 395. اعتمد أبو العالء عفيفي هذه األبيات في نسبة وحدة االديان وإلى الشيخ محي الدين بن عربي واالشارة في هذه االبيات الى المعبود الواحد في جميع األديان. انظر المعجم الصوفي ص.484 65 راجع المعجم الصوفي د. سعاد الحكيم. 977. الكلمة الجامعة أو جوامع الكلم هي الحقيقة المحمدية. 66 المعجم الصوفي ص 479-478. 141